السبت، 24 أكتوبر 2015

تنغير :: بْياَنُّو كْرْياَنُّو

كثيرةٌ هي العادات والتقاليد التي كانت معروفةً بمنطقة تودغى، والتي تختلف باختلاف المناسبة والمكان، وإن بشكل طفيف. وما عنوان موضوعنا إلا جزء من هذا الموروث الثقافي " المندثر " . ففي ليلة العاشر من محرم ، وتسمى أيضا بيوم "البركة" يقوم الأهل بملء "تاكْلوتْ" ، وهي سلَّة صغيرة تُصْنَع من جريد النخل " أعْزيفْنِ" خصِّصا لهذه المناسبة .ويتم ملؤها بِ "تيِسْمِّتْ" و"تَكْلاَيْتْ" بيضة واحدة و"تاكُورْداسْتْ" وقطعتين من لحم أضحية العيد المُدَّخَر والمسمى ب"أساوارْ" ويجب أن يكون من لحم الصدر " إِغْزْدِسانْ " ، وليس لك الحق كطفل أكل تلك الوجبة قبل الصباح .
وفي الصباح الباكر يستيقض الأطفال على غير عادتهم ،وبكامل إرادتهم ،مما يُنْدِر بأنهم لم يناموا لشدة الفرح، ليتناولوا ويستمتعوا بوجبتهم بعد طول انتظار دام ليلةً كاملة.


وبعد ذلك يجتمع الأطفال كلٌّ حاملٌ لسلته الصغيرة "تاكْلوتْ" ويجوبون أزقة الحي طلبا لِ "تيِسْمِّتْ" نْ " بْيانُّو " وهم يرددون أغنيتهم المُعبِّرة ...بْيَانُّو ،كْرْيَانُّو فْكَاغْتِيدْ ألَلاَّ مْقَّارْ إسُولْ إكْ أَرِيتُو نْزْدِيتْ نْسِّفِيتْ نْتْشِّيتْ.... وإن تأخرت الإستجابة فأغنية أخرى فيها ترغيبٌ دون ترهيب ....صِّفْطَاغْ أللاَّ تْشَانَاغْ إبورْدَنْ ...

إبُورَّانْ
***********
وفي الوقت الذي يواصل فيه الأطفال جمعهم ل "تيِسْمِّتْ" ، وفي سابقة فريدة أخرى ربما تنفرد بها منطقة تنغير و "تْدُغْتْ" على وجه الخصوص ،هناك من العجائز من تُحَظِّر وجبة " إبُورَّانْ" وهي خليط من مصارين وطِحال وكبد وغيرها التي تُعتبر غير ذي أهمية أيام عيد الأضحى لوجود الأجود من اللحوم .
هذه الوجبة يفوز بها من استطاع رمي البيض الذي جمعته العجوز صاحبة " إبُورَّانْ " من عند سكان الحي وإصابتها إصابة مباشرة.




تَعْشورْتْ
***********
وموازةً مع ذلك هناك من الشباب والمراهقين من يبحث عن عروس جديد إلى الحي لم تُكْمِل بعد عامها الأول في بيت زوجها لِرَشِّها بالماء لحكمةٍ لم أستطع الوصول الى تفسيرها وسأحاول ذلك مستقبلا.
ليقوم الجميع برشِّّ بعضهم البعض بالماء ، مرددين " تَعْشورْتْ دَا سَّا..." ومستهدفين كل المارة بدون استثناء ولا تمييز ، وليس لك الحق في الإعتراض ، ولا الشكوى لأن الشاكي والمُشْتَكى إليه سواسية أمام قانون "بْياَنُّو كْرْياَنُّو".
وأخيرا ، وبعد وجبة الغداء ينتشر الجميع لزيارة الأهل والأحباب استِعدادا ليوم الصيام عن الزيارات خوفا من جلب "الرّْبَا".


...
وهناك طقوس أخرى مرتبطة بنفس المناسبة، تحتاج الى بحث عميق، ومنها:
- إشعال: تَشْمْعِينْ مع ترديد " أَرَاكْنِيدْ أَرَاكْنِيدْ أَيَا يْتَشّْمْعِينْ..."
- وتركيب وإشعال: أَفْروخْ نْ جَاوْعْلِي.
-التنكر وصباغة الوجه باستعمال الرماد الاسود المعلق بسّْطَلْ نْ الجامع ( إناء تسخين) ماء الوضوء بأخُرْبيشْ ن ْالجامع.
هذا فيض من غيض من طقوس وتقاليد عاشوراء بتنغير .
وهذا ما استطعت الوصول إليه لحد كتابة هذه السطور...وأدعو كل شباب تنغير إلى التعمق في البحث في هذه الطقوس التي نالها الإهمال وفي طريقها إلى الزوال...
السلام عليكم.
محمد بوسكري